الأحد، 29 نوفمبر 2015

المــال العــام كركيزة من ركائز الدولة الحديثة

المــال العــام كركيزة من ركائز الدولة الحديثة


المال العام هو قوام الحياة، و الركيزة الأساسية لإقتصاديات كل دول المعمور التي من خلاله تعمل على تحقيق التقدم والرفاهية للمجتمع، لذلك فإنه لا يختلف اثنان على مدى أهمية المال العام في تحقيق التنمية و الإزدهار لفائدة الدولة و لفائدة كافة شرائح المجتمع، لهذا السبب فإن الأموال العامة تحظى بأهمية بالغة، باعتبارها العنصر الحيوي للإقلاع بقاطرة التنمية.
و بالنظر لما للأموال العامة من دور كبير في تقدم و تنمية البلاد ، وجب حمايتها منقولة كانت أم عقارية، و إخضاعها لرقابة دقيقة سواء من الناحية الإدارية من خلال كيفية و إجراءات صرفها و استعمالها في إطار النفقات العامة للدولة، حيث يتدخل رجال الإقتصاد للحديث عن ترشيد النفقات الحكومية لعدم وجود وازن بين الموارد و متطلبات الإنفاق. أو من خلال التدخل الفوري للقضاء باعتباره مسؤولا عن حمايتها بمناسبة بثه في المنازعات المعروضة عليه أمام مختلف المحاكم الموجودة بالمملكة، سواء كانت إدارية، مدنية أو زجرية.
ذلك أن الدولة لم تعد وظيفتها الأساسية هي الدفاع عن سيادة الوطن و وحدته ، و حماية المواطنين و ،إقامة العدل بينهم، و إنما تعدت هذه الوظيفة التقليدية و امتد دورها ليشمل جل الميادين، فالدولة أضحت تعلم، تنتج، تعالج،....
إن تدخل الدولة لم يعد مرهونا بحالة الضرورة، و إنما أصبح يهدف إلى تحقيق كل ما فيه مصلحة للصالح العام على السواء.
و كلما توسعت الدولة في أنشطتها الإقتصادية و التجارية فإن المال العام يصبح أكثر عرضة لكافة أشكال الإعتداءات نظرا للمركز الحساس الذي أضحى يتبوءه.
لذلك نجد المشرع المغربي قد حدث ترسانته القانونية، حيث أصدر القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة على المنشآت العامة، و إحداث مدونة عامة للضرائب و التحصيل و تغيير و تتميم القانون رقم 43.05 المتعلق بغسل الأموال، كما تم إدخال إصلاحات هيكلية على التنظيم القضائي للمملكة بإلغاء محكمة العدل الخاصة التي كانت تنظر في جرائم الرشوة و الإختلاس و الغدر و إستغلال النفوذ ، و إسناد الإختصاص في هذه القضايا إلى غرف متخصصة في المحاكم الإستئنافية و التي تسمى  المحاكم المالية – المجلس الأعلى و المجالس الجهوية للحسابات - مما أحدث قطيعة مع القضاء الإستئنافي الذي جسدته هذه المحكمة، و بذلك تم توحيد الجهة القضائية المختصة بالنظر في هذه الجرائم، و ذلك في إطار القضاء العادي و تفعيل الرقابة و الزجر في مجال الجرائم المالية و الفساد الإداري بصفة عامة.
مما يظهر لنا أن المشرع قد عزم على تقوية الترسانة القانونية المتعلقة بإجراءات المتابعة و العقوبات الجنائية، حماية منه للمال بصفة عامة، و المال العام بصفة خاصة، ذلك أن المشرع الجنائي المغربي لم يعاقب على المساس بالمال العام فقط، و إنما توسع في ذلك لتمتد حمايته، شاملة المال الخاص أيضا و ذلك إسوة بالمشرع الفرنسي.
لكن المال كلما كان عاما، إلا و كانت له حماية إستثنائية، تختلف عن تلك الحماية المقررة للأموال الخاصة. و ما يبرر إحاطة المال العام بهذا النوع من الحماية هو جعله مخصصا للنفع العام من عدمه. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق