الاثنين، 30 نوفمبر 2015

مفهوم المال العام

مفهوم  المال العام

الفقرة الأولى: مفهوم المال العام في التشريع المغربي :

بما أن المال هو كل ماله قيمة إقتصادية تقدر بالنقود، سواء كان تحت حيازة شخص و في ملكه. أو كان غير مملوك لأي شخص مادام يقبل أن يحاز و يملك[1].
و كون الأموال العامة هي كل ما تملكه الدولة و سائر الأشخاص المعنوية العامة من أموال عقارية و منقولة و مخصصة لتحقيق المنفعة العامة سواء بطبيعتها أو بتهيئة الإنسان لها أو بنص تشريعي صريح. [2]
فقد نظم المشرع المغربي أحكام الأموال العامة أو ما يسمى "الأملاك العمومية" في الظهير الشريف المؤرخ في 7 شعبان 1332 (فاتح يوليوز 1914)، و الذي تم تعديله و تتميمه بمقتضى ظهير 29 أكتوبر 1919،  بشأن الأملاك العمومية في سبعة فصول، حيث أكد المشرع المغربي في الفصل الأول أن الأموال العمومية هي " الأملاك العمومية"  و التي حددها في:
" أولا: شاطئ البحر الذيي يمتد إلى الحد الأقصى من البحر عند ارتفاعه مع منطقة مساحتها ستة أمتار تقاس من الحد المذكور.
ثانيا: الأخلجة و المراسي و الموانئ و ملحقاتها.
ثالثا: المنارات و الفنارات والعلامات التي توضع للإنذار بالخطر و كافة الأعمال المعدة للإضاءة و الإنذار بالمخاطر في الشوارع و ملحقاتها.
رابعا: المياه التي على وجه الأرض أو تحتها و مجاري المياه و الينابيع على اختلاف أنواعها
خامسا: الآبار المعروفة بالأرتوازية و التي يفجر منها الماء و أيضا الآبار و الموارد العمومية و البحيرات كبيرة أو صغيرة كالسباخ و المستنقعات و الغدران على اختلاف أنواعها و تدخل في هذا القسم سائر قطع الأراضي التي ولو كانت غير مغطاة بالماء على الدوام فهي مع ذلك غير صالحة للفلاحة اعتياديا كالمدرجات و غيرها.
سادسا: البحيرات الكبيرة و الصغيرة و المستنقعات و السباخ و الآبار المعروفة بالأرتوازية و سائر الآبار و الموارد العمومية.
سابعا: الترع التي تسير فيها المراكب و التي تستعمل للري أو التي تجفف و تعتبر أشغالا عمومية.
ثامنا: الحواجز و السدود و القنوات و الأشغال التقنية و غيرها مما يحدث بصفة أشغال عمومية وذلك لوقاية الأراضي من طغيان المياه أو لحاجات المدن أو لإستخدام قوة الماء.
تاسعا: الطرق و الأزقة و السبل و السكك الحديدية الخارجية و الكهرباء و الجسور وعلى العموم الطرق الموصلة أيا  كان نوعها التي يستخدمها العموم.
عاشرا: الأسلاك التلغرافية و التليفونية و الأبنية الحديدية المعدة للتلغراف اللاسلكي.
حادي عشر: الإستحكامات و التحصينات المتعلقة بالمواقع الحربية و المراكز العسكرية و توابعها. و على العموم كل الأراضي و الأعمال التي لا يمكن للأفراد أن يتملكوها لأنها مشاعة."
إن أهم ما يلاحظ من خلال هذا الفصل أنه، أولا حدد الأملاك العمومية على سبيل المثال، و ترك لغير الحالات التي لم تذكر في هذا الفصل، للقاضي سلطة تقديرية في تحديد ما يعتبر من مرادفات المال العام، و أكد أنه لكي تكون هذه الأموال عمومية، فإنها يجب أن تكون ملكا عموميا للدولة كما جاء في ديباجة هذا الظهير (29 أكتوبر 1929)، كما يتبين من هذا الفصل أن الأملاك العمومية تشمل الأموال العقارية و الأموال المنقولة، سواء أكانت هذه الأموال مخصصة للإستعمال المباشر للجمهور أم كانت مخصصة لخدمة المرافق العامة.[3]

الفقرة الثانية: المفهوم الجنائي للمال العام:


  مما لا شك فيه أن القانون الجنائي هو أكثر الفروع القانونية اتصالا بحاجات المجتمع و أكثر تأثرا بتطور النظام السياسي و الإجتماعي ، فبتطور دور الدولة و توسع نشاطها الإقتصادي و الإجتماعي، أصبحت جهازا ضخما ممتدا إلى كل جوانب الحياة بموظفين منتشرين في شتى الأرجاء يقومون بالعديد من الأعمال و الأنشطة مما ترتب على ذلك توسع نطاق الوظيفة العمومية و بطبيعة الحال فإن القانون الجنائي سيخرج من نطاقه التقليدي في تجريم الأفعال التي تشكل جريمة بطبيعتها إلى خلق جرائم تعبر عن اتجاه المجتمع لأنه بدراسة الواقع الإجتماعي يستطيع المشرع أن يحصل على معلومات أساسية عن المصالح المراد تنظيمها و إضفاء الحماية القانونية على التي يراها جديرة بالحماية.
و لتحديد ماهية المال العام في القانون الجنائي قد جرى الفقه على بيان صفة العمومية في المال محل الإعتداء أو في الشخص المعتدي و بتحديد المصلحة المحمية في جرائم الأموال العامة، فمن حيث بيان صفة العمومية فهو تناولها من حيث موقعها من أركان  الجريمة واعتبرها ركنا خاصا في هذه الجرائم و انتفاء صفة العمومية يترتب عليه قيام الجريمة تحت الوصف المسمى للجريمة المرتكبة مع قيامها تحت وصف آخر، و من حيث المصلحة اتجه إلى الأخذ بالمنهج الغائي في تحديد هذه المصلحة و اعتبر كون المصلحة العمومية في جرائم الأموال العامة تتمثل في دور وظيفة المال العام و دوره بالنسبة لجهة الإدارة لتتمكن من أداء الوظيفة العامة  ونخلص بذلك إلى تحديد مفهوم المال العام بناءا على محل الجريمة إلى أموال عامة بطبيعتها و تعني أموال و مصالح الجهة التي يعمل بها الموظف العمومي و هذه الجهة هي الدولة و الأشخاص المعنوية العامة، و أموال عامة حكما، و هي أموال خاصة وفقا لتكوينها و نشأتها إلا أن المشرع ولإعتبارات خاصة اعتبرها في حكم الأموال العامة و بالتالي تتمتع بالحماية الجنائية المقررة للأموال العامة، و هذه الأموال تتمثل في الجهات التي تشارك فيها الدولة أو إحدى هيآتها العامة بأي نصيب و بأية صفة. [4]



[1]  ذ/ محمد، ابن معجوز. " الحقوق العينية في الفقه الإسلامي و التقنين المغربي". مطبعة النجاح الجديدة.الطبعة الأولى، سنة 1990. ص 17.
[2]  ذ/ عبد الحق، ذهبي. " تأملات في جرائم الأموال" . مسالك في الفكر و السياسة و الإقتصاد، العدد 7-2007. ص 38. ورد في كتاب ذة/ عادلة، الوردي. مرجع سابق . ص 20.

[3]  ذة/ عادلة، الوردي. مرجع سابق . ص 25.
[4]  ذ/ عبد القادر، عبادي . ندوة حول " الجرائم المالية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى". مرجع سابق. ص 171 ـ 172.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق