الجمعة، 4 ديسمبر 2015

المواريث: الفروض المقدرة في القرآن الكريــــــــم



 الفروض المقدرة في القرآن الكريــــــــم:


الفروض التي ذكرت في القرآن الكريم هي ستة فروض فقط كالتالي:
{   ~      ~    }
1ـ (النصف )
2ـ ( الربع )               Ü  تسمى هذه الفروض الثلاثة ( النوع الأول ) لأن ( مقاماتها ) متداخلة في بعضها البعض.
3ـ ( الثمن )
{   ~      ~    }
4ـ (الثلثان )
5ـ ( الثلث )               Ü  و تسمى هذه الفروض  ( النوع الثاني ) لأن ( مقاماتها ) متداخلة أيضا في بعضها البعض.
6ـ ( السدس )
و يمكن معرفة هذه الفروض بطريقتين:
1ـ طريق التدلي: و هو أن تقول في بيان الفروض:
النصف و نثفه وهو ( الربع )، و نصفته نصفه وهو ( الثمن ).و الثلثان،  و نصفهما و هو ( الثلث ) و نصف نصفهما و هو السدس
2ـ طريق الترقي: و هو ان تقول:
الثمن و ضعفه و هو ( الربع ) و ضعف ضعفه و هو ( النصف ) و السدس و ضعفه و هو ( الثلث ) و ضعف ضعفه و هو ( الثلثان ).
( من هم الذين يستحقون النصف ؟ )
النصف فرض خمسة من الورثة، و احد من الرجال و أربعة من النساء كالآتي:
1ـ الزوج.
2ـ البنت.
3ـ بنت الإبن.
4ـ الأخت الشقيقة.
5ـ الأخت لأب.
و لكل واحد من الورثة الخمس، شروط نبينها بالتفصيل فيما يلي:
أولا: الزوج و يرث النصف بشرط واحد و هو:
عدم وجود الفرع الوارث ( الولد أو ولد الإبن )، لزوجته المتوفاة سواء كان هذا الولد منه أو من غيره.
و دليله قوله تعالى: " ولكم نصف ما ترك أزواجكم، إن لم يكن لهن و لد..."
ثانيا: البنت و ترث النصف بشرطين و هما:
1ـ ألا يكون معها أخ " معصب " و هو ( الإبن ).
2ـ أن تكون واحدة فقط.
و دليله قوله تعالى : " و إن كانت واحدة فلها النصف .."
و إنما لا ترث النصف عند وجود المعصب ( الإبن ) ، لأننا  إذا أعطيناها النصف تساوت مع الإبن في الميراث، أو زادت عليه في بعض الحالات و هذا غير مشروع في نظر الإسلام.
ثالثا: بنت الإبن و ترث النصف بثلاثة شروط:
1ـ ألا يكون معها أخ معصب و هو ( ابن الإبن ).
2ـ  أن تكون واحدة فقط.
3ـ ألا توجد البنت الصلبية أو الإبن.
و دليل إرثها هو نفس دليل غرث البنت، لأن بنت الإبن بمنزلة البنت عند فقدها
و يقول تعالى: " يوصصيكم الله في أولادكم" يشمل الأولاد و أولاد الإبن أيضا بإجماع العلماء.
رابعا: الأخت الشقيقة و ترث النصف بثلالثة شروط و هي:
1ـ ألا يكون معها أخ م عصب وهو ( الأخ الشقيق ).
2ـ أن تكون واحد فقط.
3ـ ألا يكون للميت أصل و لا فرع ( الأصل يراد به الذكر كالأب و الجد ، و الفرع الذكر و الأنثى ) .
و دليله قوله تعالى: " يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة، إن أُمرُؤُاْ هلك ليس له ولد، و له أخت فلها نصف ما ترك".
خامسا: الأخت لأب، و ترث النصف بأربعة شروط هي:
1ـ ألا يكون معها أخ معصب ( أخ لأب ).
2ـ أن تكون واحدة فقط.
3ـ ألا يوجد للميت أصل و لا فرع ( كالسابق ).
4ـ ألا توجد الأخت الشقيقة.
و دليله هو نفس دليل إرث الأخت الشقيقة بالإجماع، و قوله تعالى : " و له أخت فلها نصف ما ترك. " يشمل الشقيقة و الأخت لأب فقط.
و أما الأخت لأم فلا ترث النصف أبدا، و إنما لها السدس بشروط
( من هم المستحقون الربع ؟ )
الربع فرض اثنين من الورثة و هما:
أولا: الزوج.
ثانيا: الزوجة.
1ـ الزوج يأخذ الربع إذا كان للزوجة ولد أو ولد ابن و إن نزل، سواء كان الولد منه أو من غيره لقوله تعالى:
" فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن "
2ـ و الزوجة تأخذ الربع إذا لم يكن للزوج ولد أو ولد ابن و إن نزل سواء كان الولد منها أو من غيرها لقوله تعالى:
" و لهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد .."
ملاحظة : نصيب الزوجة الواحدة أو الزوجات المتعددة واحد لا يتغير، لقوله تعالى: " و لهن الربع مما تركتم.." بصيغة الجمع، و من ناحية أخرى لو أعطينا كل واحدة الربع و كان عند الميت أربع زوجات لاستغرق نصيبهن جميع التركة، فلذلك تأخذ الواحدة فأكثر الربع، و لا يزيد نصيب الزوجات في حال التعدد ، شيئا عن القدر المفروض.
( من هم المستحقون للثمن ؟ )
الثمن فرض صنف واحد من الورثة الزوجة أو الزوجات:
فالزوجة واحدة كانت أو أكثر ترث الثمن، إذا كان للميت ولد أو ولد ابن، سواء كان الولد منها أو من غيرها، لقوله تعالى:
" فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين.."


( من هم المستحقون للثلثين ؟ )
الثلثان فرض أربعة من الورثة، و هم جميعا من الإناث على الشكل الآتي:
1ـ البنتان الصلبيتان فأكثر.
2ـ بنتا الإبن أو بنتا ابن الإبن فأكثر.
3ـ الأختان الشقيقتان فأكثر.
4ـ الأختان لأب فأكثر.
و شروط إرثهن للثلثين هو كالآتي:
أولا: البنتان فأكثر، فرضهما الثلثان، إذا لم يكن معهن أخ معصب أي ذكر من أولاد الميت و هو الإبن لقوله تعالى:
" فإن كنا نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك.."
و المراد من قوله تعالى: " فوق اثنتين " أي اثنتين فما فوقهما و ذلك بالإجماع و يدل عليه ما رواه الشيخان ( البخاري و مسلم ) ( أن امرأة سعد بن الربيع جاءت رسول الله ( ص ) بابنتيها من سعد رضي الله عنه فقالت يا رسول الله: هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما سعد معك باحدٍ شهيدا، و إن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا، و لا تنكحان إلا بمال، فقال ( ص ) : يقضي الله في ذلك فنزلت آية المواريث : " يوصيكم الله في أولادكم " فأرسل رسول الله ( ص ) إلى عمهما أن أعطى ابنتي سعد الثلثين، و أمهما الثمن، و ما بقي فهو لك) .
فهذا الحديث الشريف نص قاطع، على أن المراد الإثنتان فأكثر، و لا عبرة بخلاف من قال إن الإثنتين لهما النصف، لأن الآية ذكرت أن الثلثين للبنات ، إذ كن فوق اثنتين، أي ثلاثا فأكثر، فإن هذا الرأي لا يعتد به لأنه مخالف للإجماع.
ثانيا: بنتا الإبن فأكثر ترثان الثلثين بشرط:
1ـ ألا يوجد ولد صلبي للميت كالإبن أو البنت.
2ـ ألا توجد البنتان الطلبيتان.
3ـ ألا يكون معهن أخ معصب ( ابن الإبن ) في درجتهن.
و هكذا حكم بنات ابن الإبن و إن نزلن، و إنما تحرم بنات الإبن من الميراث عن وجود ( الإبن ) لأن القاعدة الفرضية تقول: ( من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة ) و دليل إرثهن هو الإجماع على أن ولد الإبن يقوم مقام الولد عند عدمه، فيكون قوله تعالى: " يوصيكم الله في أولادكم " شاملا لأولاد الإبن مهما نزلوا كذلك.
ثالثا: الأختان  الشقيقتان ترثان الثلث بشرط:
1ـ عدم وجود ابن أو بنت، او أب أو جد ( أي عدم وجود الأصل أو الفرع ).
2ـ عدم وجود أخ معصب ( أخ شقيق ).
3ـ عدم وجود البنات أو بنات الإبن ( واحدة كانت أو أكثر ) و الدليل قوله تعالى: " فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك.."
رابعا: الأختان لأب فأكثر ترثان الثلثين بشرط:
الأختان لأب فأكثر ترثان الثلثين بشرط:
1ـ عدم وجود الإبن أو الأب أو الجد ( الأصل و الفرع ).
2ـ عدم وجود أخ معصب ( أخ لأب )
3ـ عدم وجود البنات أو بنات الإبن أو الأخ الشقيق أو الشقيقة.
و هي إذا الشروط السابقة بالنسبة للأخوات الشقيقات و يزاد على ذلك عدم وجود الأخ الشقيق أو الأخت الشقيق كما وضحناه.
و الدليل على توريثهن هو الإجماع لأن الآية المتقدمة في الأخوات تشمل الشقيقات و الأخوات لأب، أما الأخوات لأم فلا تشملهن، و الله و أعلم.
( من هم المستحقون للثلث؟ )
الثلث فرض اثنين من الورثة فقط و هما:
1ـ الأم.
2ـ الإخوة و الأخوات لأم ( اثنين فأكثر ).
أولا: الأم ترث الثلث بشرطين:
1ـ ألا يكون للميت ولد ولا ولد ابن.
2ـ ألا يكون للميت من الإخوة و الأخوات إثنان فأكثر، سواء كان الإخوة و الأخوات أشقاء أو لأب أو لأم ذكورا أو إناثا، و ارثين أو محجوبين. و الدليل قوله تعالى: " فغن لم يكن له ولد و ورقثه أبواه فلأمه الثلث
ثم قال تعالى عقبها:  " فإن كان له إخوة فلأمه السدس."
قاعدة: إذا أطلق لفظ الإخوة في علم الميراث فإنه لا يراد به الثلاثة كما هو مقتضي لفظ الجمع، بل يشمل الإثنين لأن الجمع في اللغة قد يطلق على الإثنين، مثل صلاة الجماعة، تصح باثنين: إمام و مقتد واحد،  ومما يدل على صحة إطلاق الجمع على الإثنين قوله تعالى:
" إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلولكما.."                               سورة التحريم، الآية 4.
ثانيا:  الإخوة و الأخوات لأم ( الإثنان فأكثر ) بشرط:
1ـ عدم وجود الأصل و الفرع، وهو المراد من لفظ ( الكلالة ) كما مر سابقا.
2ـ أن يكون عددهن اثنين فأكثر سواء كانوا ذكورا أو إناثا، أو مختلفين.
و الدليل قوله تعالى: " و إن كان رجل يورث كلالة أو امراة، و له أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث".     ملاحظة اولى: المراد من قوله تعالى: " وله أخ أو أخت."
أي من الأم لأن الله تبارك و تعالى ذكر حكم الأخ الشقيق و الشقيقة في آخر سورة النساء و كذلك حكم الأخت لأب و الأخ لأب في نفس الآية الكريمة فتعين أن يكون المراد بالأخ و الأخت هنا و إنما هو الأخ للأم و الأخت للأم.
ملاحظة ثانية: قوله تعالى: " فهم شركاء في الثلث."
بين تعالى أن الإخوة و الأخوات لأم يشتركون في الثلث، و لفظ الشركة يقتضي المساواة و لهذا فإن الثلث يقسم على رؤوسهم بالسوية بدون تفضيل بين الذكر و الأنثى، و هذا معنى قول الفرضيين، في الإخوة و الأخوات لأم ذكورهم و إناثهم في القسمة و الإستحقاق على السواء، بخلاف الإخوة و الأخوات الشقيقات أو لأب فإن الذكر هناك له ضعف الأنثى.
الأصل في ميراث الأم إذا وجدت مع الأب أن ترث ثلث جميع المال كما تقدم معنا، و كما أشارت الآية الكريمة: " فإن لم يكن له ولد و ورثه أبواه فلأمه الثلث."
( المستحقون للسدس )
المستحقون لفرض السدس من الورثة هم سبعة أفراد:
1ـ الأب.   2ـ الجد الصحيح.  3ـ الأم.   4ـ بنت الإبن. 5ـ الأخت لأب. 6ـ  الجدة الصحيحة. 7ـ ولد الأم أي ( الأخ أو الأخت لأم ) بالشروط الآتية:
أولا: الأب يرث السدس إذا كان للميت ولد سواء كان ( ذكرا و أنثى ) لقوله تعالى: " و لأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد.."
و مثل الولد ولد الإبن و إن نزل.
ثانيا: الجد الصحيح ( أب الأب ) يأخذ سدس المال إذا كان للميت ولد أو ولد ابن، بشرط فقد الأب، فهو إذا يقوم مقام الأب عند فقده إلا في مسائل ثلاثة:
1ـ الإخوة الأشقاء أو لأب لا يرثون مع الأب بالإجماع، و يرثون مع الجد عند الأئمة الثلاثة ( الشافي و أحمد و مالك )و أما عند أبي حنيفة فلا يرثون معه كالأب لأن جهة الأبوة في العصبات مقدمة على جهة الأخوة.
2ـ المسألة الأولى من ( الغرواوين) و هي فيما إذا ماتت عن زوج و أم و أب، فلأم ثلث ما يبقى كما تقدم، ولو كان مكان الأب جد فإنها تأخذ ثلث جميع المال بالإجماع.
3ـ المسألة الثانية من الغراوين ) و هي فيما إذا مات عن زوجة و أم و أب، كان للأم ( ثلث ما يبقى ) كما سبق، ولو كان مكان الأب جد فإنها تأخذ ثلث جميع التركة بالإجماع.
ثالثا: الأم تأخذ السدس بشرطين:
1ـ أن يكون للميت ولد أو ولد إبن للآية المتقدمة : " ولأبويه لكل واحد منهما السدس .."
2ـ أن يكون للميت عدد من الإخوة ( اثنان فأكثر ) ذكورا كانوا أو إناثا أو مختلفين من أي جهة كانوا ( أشقاء أو لأب أو لأم ) لقوله تعالى: " فإن كان له إخوة فلأمه السدس"
رابعا: بنت الإبن ( واحدة فأكثر ) تأخذ السدس إذا كان للميت بنت واحدة فقط فتأخذ البنت النصف، و تأخذ بنت الإبن أو بنات الإبن السدس تكملة للثلثين لأن نصيب الإناث الثلثان فإذا أخذت البنت النصف بقي السدس فتأخذه بنت الإبن، و الدليل ما رواه البخاري في صحيحه: " أن (  أبا موسى الأشعري ) سئل عن بنت و بنت ابن، و أخت ، فقال:  للبنت النصف و للأخت النصف، و أتوا ابن مسعود فإنه سيتابعني فسئل ابن مسعود رضي الله عنه فقال : لأقضين فيها بما قضى النبي ( ص ) للبنت النصف و لبنت الإبن السدس تكملة للثلثين ، و ما بقي فهو للأخت.. فأتينا أبا موسى فأخبرناه بذلك فقال: لا تسألوني مادام هذا الحَبْرُ فيكم."
ملاحظة: يشترط لميراث بنت الإبن ( السدس ) ألا يكون هناك ابن لأنه يحجبها حينئذ كما يشترط ألا يستكمل البنات الثلثين، فإذا استكمل البنات الثلثين سقط بنات الإبن كما سيأتي في الحجب. و اعلم أن كل بنت ابن و إن نزلت أو تعددت لها سدس المال مع البنت و بنت الإبن التي هي أعلى منها.
خامسا: الأخت لأب ( واحدة فأكثر ) تأخذ السدس إذا كان للميت أخت شقيقة واحدة و هي تشبه في الحكم ( بنت الإبن مع البنت ) فإذا ترك الميت أختا شقيقة و أختا لأب فأكثر ، فإن الأخت لأب أو الأخوات لأب بهن السدس تكملة للثلثين، لأنه حق الأخوات فلما أخذت الشقيقة النصف ( بقوة القرابة ) لم يبق إلا السدس فتأخذه الأخت أو الأخوات لأب.
سادسا: الأخ أو الأخت لأم يأخذ الواحد منهما السدس إذا انفرد لقوله تعالى: " و إن كان رجل يورث كلالة أو امرأة و له أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس.." و يشترط في إرثهم عدم وجود أصل أو فرع.(الأصل الذكور، و الفرع الإناث و الذكور )

سابعا: الجدة الصحيحة تاخذ السدس عند فقد الأم ، سواء كانت واحدة أو أكثر ، ك( أم الأم ) و (  أم الأب) و هكذا و يقسم السدس بينهن بالسوية ، و قد ثبت إعطاء السدس للجدة بالسنة المطهرة و بإجماع الصحابة و كفى بذلك حجة.. روى أصحاب السنن أن الجدة جاءت إلى ( أبي بكر ) رضي الله عنه تسأله ميراثها فقال لها: ما لك في كتاب الله شيء فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال ( المغيرة بن شُعبَة ) حضرت رسول الله  ( ص ) ( فأعطاها السدس فأنفذه لها أبو بكر).




                                                 من كتاب:
                                                             المـــــــــــــــــــواريــــــــــــــــث
في الشريعة الإسلامية
في ضوء
الكتــــــــــاب و السنــــــــة
                                                          بقلــــــــــــــم
ذمحمــد عــلي الصـابـــوني
أستاذ بكلية الشريعة و الدراسات الإسلامية
بمكـة المكرمـة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق